JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

الصفحة الرئيسية

ضامة".. لعبة مغربية تتحدى الزمن وتجمع الأجيال

 


من الأزقة الشعبية إلى المقاهي.. ضامة تراث مغربي خالد

في قلب الأزقة الضيقة والمقاهي الشعبية، حيث يجتمع الرجال حول طاولات خشبية قديمة، تنبعث أصوات الضحكات والنقاشات الساخنة بين اللاعبين والمشاهدين على حد سواء، يمارسون لعبة "الضامة"، اللعبة الشعبية الأكثر انتشارًا في المغرب، والتي استطاعت أن تصمد في وجه الحداثة والغزو الرقمي للألعاب الإلكترونية، لتظل واحدة من أكثر الألعاب المحبوبة في الشارع المغربي.

 

ما هي لعبة الضامة؟

لعبة "الضامة"، التي تعرف عالميًا باسم "الداما" (Draughts أو Checkers)، هي لعبة استراتيجية تعتمد على التخطيط والتكتيك، حيث يتنافس لاعبان على رقعة مقسمة إلى 64 مربعًا، باستخدام أحجار متحركة وفق قواعد صارمة.

في النسخة المغربية، يلعب كل طرف بـ 12 حجرًا موزعة على المربعات الداكنة، والهدف هو القضاء على أحجار الخصم عبر القفز فوقها أو تطويقها بحركات ذكية، ومع كل تقدم في اللعب، يزداد التحدي، خاصة عندما ينجح أحد الأحجار في الوصول إلى الصف الأخير ليصبح "ضامة"، أي قطعة ملكية ذات قدرات إضافية تجعلها أكثر فاعلية في الهجوم والدفاع.

 

أصول الضامة: بين المغرب والعالم

رغم أن أصول لعبة "الضامة" غير واضحة تمامًا، إلا أن بعض المؤرخين يرجحون أنها امتداد قديم للعبة "الداما" التي ظهرت في مصر الفرعونية قبل أكثر من 3000 عام، قبل أن تتطور في العصور الوسطى وتنتقل عبر الأندلس إلى المغرب، حيث أصبحت جزءًا من الثقافة الشعبية.

اليوم، توجد نسخ مختلفة من اللعبة عبر العالم، بما في ذلك "الضامة الأمريكية"، و"الضامة الإنجليزية"، و"الضامة الروسية"، لكن النسخة المغربية تحتفظ بخصوصيتها في طريقة اللعب والتفاعل الاجتماعي الذي يصاحبها.

 

قواعد اللعبة: البساطة في الشكل، التعقيد في اللعب

رغم أن "الضامة" تبدو للوهلة الأولى لعبة سهلة، إلا أنها تحتاج إلى ذكاء استراتيجي وتركيز عالٍ، حيث يمكن لقواعدها أن تصنع فارقًا كبيرًا في الفوز أو الخسارة.

🔹 كل لاعب يبدأ بـ 12 حجرًا موضوعة على المربعات الداكنة في أول ثلاثة صفوف من الرقعة.
🔹 الحجر يتحرك قطريًا إلى الأمام فقط، ما لم يصبح "ضامة"، حيث يمكنه التحرك في أي اتجاه.
🔹 يمكن للاعب القفز فوق حجر الخصم وأسره، بشرط أن يكون المربع التالي فارغًا.
🔹 إذا وصل الحجر إلى آخر الصفوف، يصبح "ضامة" ويُمنح صلاحيات التحرك بحرية.
🔹 يفوز اللاعب الذي يتمكن من أسر جميع أحجار خصمه أو شل حركته بالكامل.

 الضامة في المجتمع المغربي: أكثر من مجرد لعبة

1️لعبة تجمع الأجيال

ما يميز "الضامة" في المغرب هو أنها ليست مجرد لعبة ذكاء، بل طقس اجتماعي يومي، حيث يلتقي الكبار والصغار لممارسة هذه اللعبة في الأحياء الشعبية والمقاهي. إنها فرصة للتواصل بين الأجيال، حيث يتعلم الصغار من خبرة الشيوخ، ويتحول كل لقاء حول الرقعة إلى دورة تدريبية غير رسمية في التخطيط والاستراتيجية.

2️ذكاء تكتيكي ومهارات عقلية

في الوقت الذي تعتمد فيه بعض الألعاب الحديثة على الحظ، تبقى "الضامة" لعبة فكرية بامتياز، حيث يجب على اللاعب التفكير في كل حركة مسبقًا، وتوقع خطوات الخصم، وتطوير خطط مضادة. هذا ما يجعلها لعبة مفيدة في تطوير الذكاء التحليلي واتخاذ القرارات السريعة.

3️حضور قوي في المقاهي الشعبية

يكاد لا يخلو مقهى شعبي مغربي من طاولات لعبة "الضامة"، حيث يجتمع الرجال في مباريات حماسية تمتد أحيانًا لساعات طويلة، وسط تشجيع وتعليقات الجمهور الذي يراقب كل حركة بتركيز شديد.

4️من الشارع إلى البطولات

في السنوات الأخيرة، بدأت بعض الجمعيات المهتمة بالألعاب الذهنية في تنظيم دوريات محلية ووطنية للعبة "الضامة"، ما ساهم في زيادة شعبيتها وجذب المزيد من اللاعبين الشباب الذين أصبحوا يرون فيها تحديًا استراتيجيًا يستحق الاهتمام.

 

هل تصمد "الضامة" في عصر الألعاب الرقمية؟

مع انتشار الألعاب الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، قد يعتقد البعض أن ألعابًا تقليدية مثل "الضامة" في طريقها إلى الانقراض، لكن الواقع يظهر العكس تمامًا. لا تزال اللعبة تحظى بجاذبية كبيرة بين المغاربة، وهناك محاولات لنقلها إلى الفضاء الرقمي عبر تطبيقات محمولة تحاكي طريقة اللعب التقليدية.

بل إن بعض الدراسات تشير إلى أن ألعاب الذكاء مثل "الضامة" و"الشطرنج" تساعد في تحسين التركيز وتقوية الذاكرة، وهو ما يجعلها خيارًا مثاليًا لمن يبحث عن تمرين عقلي يجمع بين الترفيه والفائدة.

 

الخلاصة: الضامة.. لعبة خالدة في وجدان المغاربة

رغم التغيرات السريعة في نمط الحياة، تظل "الضامة" رمزًا للذكاء الشعبي المغربي، وإحدى تلك الألعاب التي تجمع بين البساطة والتحدي. إنها ليست مجرد رقعة وأحجار، بل عالم من الإستراتيجيات والمناورات، حيث يكون الفوز من نصيب الأذكى والأكثر صبرًا.

في زمن السرعة والرقمنة، تبقى "الضامة" شاهدة على إرث ثقافي حي، يثبت أن الألعاب التقليدية يمكنها أن تصمد أمام الزمن، بل وتتحول إلى مصدر فخر للهوية المغربية.

هل لا تزال تمارس "الضامة"؟ وما رأيك في الحفاظ على هذه اللعبة للأجيال القادمة؟ 🤔🎲

الاسمبريد إلكترونيرسالة