JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

الصفحة الرئيسية

لماذا يلجأ المغاربة الى تصغير الكلمات في الدارجة ؟

 




ظاهرة تصغير الكلمات في الدارجة المغربية: بين الدلالة الاجتماعية والبعد الثقافي

في المغرب، يتداول الناس كلمات مصغرة في أحاديثهم اليومية بطريقة تلقائية، تجعل من اللغة أكثر حيوية وعفوية. سواء في الشارع، الأسواق، أو حتى في المحيط العائلي، تجد تعبيرات مثل "قهيوة" بدل "قهوة"، "حولي" بدل "خروف"، و"مشيشة" بدل "قطة". هذه الظاهرة اللغوية، التي تبدو بسيطة، تعكس تحولات ثقافية واجتماعية عميقة في المجتمع المغربي، فما الذي يجعل المغاربة يميلون إلى تصغير الكلمات؟ وما هي أبعاده اللغوية والاجتماعية؟

التصغير في الدارجة المغربية: تقليد قديم بلمسة حديثة

يعود تصغير الكلمات في الدارجة المغربية إلى التقاليد الشفوية التي تعتمد على التقريب والتودد في التواصل، وهو أمر متجذر في الثقافة المغربية، ففي العائلات، يستخدم التصغير للتعبير عن الحنان والود، مثل "ولدّي" (ابني الصغير) و"بنيتي" (ابنتي الصغيرة)

لكن التصغير لا يقتصر على الأسماء، بل يمتد ليشمل أشياء يومية، مثل:

"طويكسي" → "طاكسي"  سيارة اجرة"

"صنيديق " → "صندوق "

"بوكية" → " باكية " "علبة"

وبمرور الزمن، أصبح هذا الأسلوب جزءا من الهوية اللغوية المغربية، حيث يمنح التصغير طابعا ظريفا، لطيفا أو دلاليا خاصًا وفقا للسياق.

 

لماذا يلجأ المغاربة إلى تصغير الكلمات؟

1️التقليل من حدة الخطاب والتلطيف

في المجتمع المغربي، يُستخدم التصغير كوسيلة لتلطيف الكلام وتخفيف حدته، خاصة في المواقف غير الرسمية،  فعندما يقول شخص "صويك"  بدل "صاك" (حقيبة)، فإنه يضفي على الكلمة نوعًا من البساطة والعفوية، مما يجعلها مقبولة أكثر في المحادثة.

2️التعبير عن الألفة والحميمية

يستخدم المغاربة التصغير أيضًا في سياق التقرب والمودة، خاصة عند الحديث مع الأطفال أو داخل العائلة. مثلًا:

"بنيتي" بدل "بنتي"

"وليدي" بدل "ولدي"

"حبيبة" → "حبيبته" (بصيغة التصغير للتعبير عن الدلال

3️الفكاهة والسخرية الاجتماعية

أحيانا، يستخدم المغاربة التصغير لإضفاء طابع فكاهي أو ساخر على الكلام، خصوصا في النقاشات الساخرة أو التعليقات الشعبية، على سبيل المثال، إذا أراد شخص التقليل من شأن شيء معين، قد يقول:

"موشكيل" → "مشكل " للتقليل من أهمية المشكلة

"الشميميخ " → "الشماخ" عند المزاح عن لاعب كرة قدم

4️التكيف مع اللهجات والمجتمع

في بعض الأحيان، يتم اللجوء إلى التصغير لجعل الكلمة أقرب للدارجة المغربية أو أكثر انسجامًا مع سياقات معينة. على سبيل المثال، المغاربة قد يقولون "كويزينة" بدل "مطبخ"، رغم أن الأصل الفرنسي للكلمة هو "Cuisine"، لكنهم أضافوا التصغير لتلائم الدارجة.

تأثير التصغير على التواصل الاجتماعي

يُعتبر التصغير في الدارجة المغربية مرآة للتفاعل الاجتماعي، حيث يساعد في:

·        تسهيل التواصل بين الأفراد، لأنه يضفي لمسة لطيفة على الحوار

·         إعطاء بعد اجتماعي للأشياء، حيث يُستخدم التصغير لخلق نوع من القرب بين الناس.

·        إنتاج لغة أكثر مرونة، تتماشى مع التطورات الاجتماعية والثقافية.

لكن رغم ذلك، هناك من يرى أن هذه الظاهرة قد تؤثر على فصاحة اللغة العربية، خصوصًا عند الإفراط فيها، مما يجعل بعض الكلمات غير واضحة لغير الناطقين بالدارجة المغربية.

 

التصغير في وسائل التواصل الحديثة

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، انتقل التصغير من التواصل الشفوي إلى التواصل المكتوب، حيث أصبحت الكلمات المصغرة تستخدم بكثرة في الدردشة والتعليقات، مثل:

"صافا بدل "كيف حالك "

"bro" بدل "اخي"

"القلب " بدل "التعبير عن الحب "

هذا الانتشار يعكس كيف أن التصغير لم يعد مقتصرا على المحادثات المباشرة، بل أصبح جزءا من التواصل الرقمي، حيث يساعد في جعل النصوص أكثر تلقائية وتقاربًا بين المستخدمين.

خلاصة: التصغير بين الأصالة والتطور

يبقى تصغير الكلمات في الدارجة المغربية ظاهرة لغوية وثقافية تعكس طبيعة المجتمع المغربي، حيث يتميز المغاربة بأسلوبهم العفوي والمرن في التواصل، فسواء كان ذلك بغرض التودد، التلطيف، الفكاهة أو التكيف الاجتماعي، فإن التصغير يعد جزءا لا يتجزأ من الهوية اللغوية للمغاربة.

لكن مع التغيرات الحديثة وظهور أشكال جديدة من التواصل، يطرح السؤال:
هل سيستمر التصغير في التطور ليشمل ألفاظا جديدة؟ أم سيختفي تدريجيا مع تراجع اللهجات المحلية أمام العولمة؟


الاسمبريد إلكترونيرسالة